JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

الدِّرَاسَةُ الفِقْهِيَّةُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا

خط المقالة

 ✦ الدِّرَاسَةُ الفِقْهِيَّةُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ✦




⊰ نَصُّ الحَدِيثِ ⊱
رَوَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:
> «دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ رَجُلَانِ، فَكَلَّمَاهُ بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ، فَأَغْضَبَاهُ، فَلَعَنَهُمَا وَسَبَّهُمَا، فَلَمَّا خَرَجَا قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ أَصَابَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا مَا أَصَابَهُ هَذَانِ. قَالَ: «وَمَا ذَاكِ؟». قَالَتْ: قُلْتُ: لَعَنْتَهُمَا وَسَبَبْتَهُمَا. قَالَ: «أَوَمَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ، أَوْ سَبَبْتُهُ، فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا»».


⊰ تَخْرِيجُ الحَدِيثِ ⊱
أَخْرَجَهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ، رَقْم: 2601).
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ (رَقْم: 588).

⊰ شُرُوحُ العُلَمَاءِ ⊱
✦ قَوْلُ الإِمَامِ النَّوَوِيِّ ✦
قَالَ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِم: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَا يَقْصِدُ الدُّعَاءَ عَلَى الْمُعَيَّنِ بِالضَّرَرِ، بَلْ هُوَ مِمَّا يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَةِ العَرَبِ عِنْدَ الغَضَبِ. وَأَنَّ اللهَ صَرَفَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِ لِيَكُونَ رَحْمَةً وَزَكَاةً وَأَجْرًا.
✦ قَوْلُ الحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ ✦
بَيَّنَ فِي فَتْحِ البَارِي أَنَّ هَذَا مِنْ خُصُوصِيَّاتِ النَّبِيِّ ﷺ، فَإِنَّ كَلِمَاتِهِ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِ تَنْقَلِبُ خَيْرًا. أَمَّا غَيْرُهُ مِنَ النَّاسِ فَإِذَا لَعَنَ فَقَدْ يَكُونُ ظُلْمًا. وَعَدَّ ذَلِكَ مَكْرُمَةً عَظِيمَةً لِلأُمَّةِ.
✦ أَقْوَالٌ أُخْرَى ✦
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: «فِي الحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللهَ جَعَلَ كُلَّ أَقْوَالِهِ ﷺ رَحْمَةً، حَتَّى مَا صَدَرَ عَنْهُ فِي الغَضَبِ».
وَقَالَ الطَّيِّبِيُّ: «مَعْنَى الزَّكَاةِ أَنَّهَا تَكْفِيرٌ، وَمَعْنَى الأَجْرِ أَنَّهُ رَفْعٌ فِي الدَّرَجَاتِ».
⊰ الأَبْعَادُ الفِقْهِيَّةُ وَالتَّرْبَوِيَّةُ ⊱
١- البُعْدُ العَقَدِيُّ: الحَدِيثُ يُؤَكِّدُ بَشَرِيَّةَ النَّبِيِّ ﷺ، وَيُبَيِّنُ أَنَّ انْفِعَالَهُ الطَّبِيعِيَّ لَا يُنَاقِضُ عِصْمَتَهُ فِي التَّبْلِيغِ.
٢- البُعْدُ الفِقْهِيُّ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّعْنَ وَالسَّبَّ مَذْمُومَانِ، وَإِنَّمَا وَقَعَا مِنْهُ ﷺ نَادِرًا، وَصُرِفَا بِإِرَادَةِ اللهِ إِلَى رَحْمَةٍ.
٣- البُعْدُ التَّرْبَوِيُّ: يُعَلِّمُ المُسْلِمَ ضَبْطَ لِسَانِهِ، وَأَنَّ رَحْمَةَ اللهِ أَوْسَعُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ فِي مَظَاهِرِ الغَضَبِ البَشَرِيِّ.
٤- البُعْدُ الأُصُولِيُّ: يَدُلُّ الحَدِيثُ عَلَى قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ، وَهِيَ أَنَّ أَلْفَاظَ النَّبِيِّ ﷺ فِي حَقِّ أُمَّتِهِ مُنْقَلِبَةٌ إِلَى خَيْرٍ، وَإِنْ ظَهَرَ فِيهَا غَيْرُ ذَلِكَ.
٥- البُعْدُ الأَخْلَاقِيُّ: الحَدِيثُ يُرَسِّخُ مَبْدَأَ العَفْوِ وَالسَّمَاحَةِ، وَيَدْعُو المُسْلِمَ لِتَجَنُّبِ الأَلْفَاظِ الجَارِحَةِ.
٦- البُعْدُ التَّشْرِيعِيُّ: يُفِيدُ خُصُوصِيَّةَ النَّبِيِّ ﷺ، فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَجْعَلَ السَّبَّ وَاللَّعْنَ خَيْرًا.
⊰ الخُلَاصَةُ ⊱
الحَدِيثُ يُظْهِرُ شَرَفَ النَّبِيِّ ﷺ وَعَظِيمَ مَكَانَتِهِ، وَيُؤَكِّدُ أَنَّ اللهَ جَعَلَ كَلِمَاتِهِ كُلَّهَا فِي حَقِّ أُمَّتِهِ رَحْمَةً وَخَيْرًا. وَقَدْ أَجْمَعَ العُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذَا مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ ﷺ، الَّتِي لَا يَشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ.
تعليقات
ليست هناك تعليقات

    الاسمبريد إلكترونيرسالة