JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
Home

خلفيات الحلف الروسي والكوري والصيني

خط المقالة
 خلفيات الحلف الروسي والكوري والصيني



مقدمة
مع بداية العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، أخذ النظام الدولي يتجه نحو تعددية قطبية واضحة، حيث لم تعد الولايات المتحدة والغرب يهيمنان بشكل مطلق على السياسة العالمية. في هذا السياق، برز محور جديد يجمع روسيا، وكوريا الشمالية، والصين، وهو محور قائم على مصالح متبادلة تتعلق بالسياسة، والاقتصاد، والعسكر، ومواجهة النفوذ الغربي. هذا المقال يحاول تتبع خلفيات هذا الحلف، وأسبابه، ودلالاته الاستراتيجية.

---
أولاً: الدوافع المشتركة
1. روسيا: الهروب من العزلة الغربية
بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022، واجهت روسيا عقوبات غربية غير مسبوقة، استهدفت اقتصادها وقطاعها المالي والعسكري.
سعت موسكو إلى كسر هذه العزلة من خلال تعزيز تحالفاتها مع قوى غير غربية، أبرزها الصين وكوريا الشمالية.
الحلف يمثل لموسكو فرصة للحصول على دعم سياسي وعسكري ولوجستي، ولتسويق أسلحتها وطاقتها خارج دائرة الغرب.

2. الصين: قيادة النظام العالمي الجديد
ترى بكين نفسها وريثة لمكانة عظمى على الساحة الدولية، وتعمل على إعادة تشكيل النظام العالمي لصالحها.
عبر تقوية علاقاتها بروسيا وكوريا الشمالية، توازن الصين النفوذ الأميركي في آسيا، خصوصًا مع تحالفات واشنطن مع اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين.
كما تستفيد من روسيا كمصدر للطاقة والموارد، ومن كوريا الشمالية كحليف استراتيجي على حدودها.

3. كوريا الشمالية: البحث عن الشرعية والقوة
كوريا الشمالية معزولة منذ عقود بسبب برنامجها النووي وسياساتها الداخلية.
الحلف مع موسكو وبكين يمنحها اعترافًا دوليًا ضمنيًا ويخفف من ضغط العقوبات.
كما تستفيد بيونغ يانغ من التكنولوجيا العسكرية والغذاء والطاقة التي توفرها روسيا والصين.


---
ثانياً: الخلفيات التاريخية
1. الحرب الباردة
خلال الحرب الباردة، وقفت الصين والاتحاد السوفيتي في البداية إلى جانب كوريا الشمالية ضد الولايات المتحدة في الحرب الكورية (1950-1953).
لكن الخلافات الأيديولوجية بين موسكو وبكين في الستينيات أحدثت انقسامًا عميقًا، لتبقى كوريا الشمالية تلعب دورًا متوازنًا بينهما.

2. ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي
بعد 1991، تراجعت روسيا في علاقاتها مع بيونغ يانغ، فيما بقيت الصين الحليف الأساسي.
مع صعود بوتين وإعادة بناء الجيش الروسي، عادت موسكو إلى الشرق، وبدأت في السنوات الأخيرة تعيد التقارب مع كوريا الشمالية، خصوصًا مع عزلتها عن الغرب.

3. التطورات الأخيرة
الحرب في أوكرانيا سرّعت هذا التحالف، حيث لجأت روسيا إلى كوريا الشمالية لتزويدها بالذخائر والصواريخ، بينما حصلت بيونغ يانغ على تقنيات عسكرية متقدمة وغذاء.
الصين سمحت بتمرير هذا التعاون ضمنيًا لأنها ترى فيه إضعافًا للغرب وزيادة لنفوذها الإقليمي.


---
ثالثاً: أبعاد التعاون العسكري
روسيا وكوريا الشمالية:
صفقات ذخيرة وصواريخ باليستية قصيرة المدى.
تدريب وتبادل خبرات في تكنولوجيا الصواريخ والطائرات بدون طيار.

الصين وروسيا:
مناورات عسكرية مشتركة في المحيط الهادئ.
تبادل خبرات في الدفاع الجوي والفضاء.
تعاون في مجال الأسلحة الاستراتيجية والطاقة النووية السلمية.

الصين وكوريا الشمالية:
دعم اقتصادي مستمر عبر المساعدات الغذائية والطاقة.
تغطية سياسية في مجلس الأمن لبيونغ يانغ ضد الضغوط الغربية.



---
رابعاً: الأبعاد الاقتصادية والسياسية
الاقتصاد:
روسيا تزوّد الصين بالنفط والغاز بأسعار تفضيلية.
كوريا الشمالية تستفيد من الممرات التجارية غير الرسمية عبر الصين وروسيا لتجاوز العقوبات.
الصين تستغل ضعف روسيا لتعزيز نفوذها الاقتصادي في سيبيريا وآسيا الوسطى.

السياسة:
الدول الثلاث تتبنى خطابًا مضادًا للغرب، يدعو إلى احترام "السيادة الوطنية" ورفض "التدخل الخارجي".
الحلف يمثل كتلة تصويتية مؤثرة في المؤسسات الدولية (مجلس الأمن، الأمم المتحدة).



---
خامساً: التحديات أمام الحلف
الاختلافات الداخلية: فبينما تسعى الصين لحماية مصالحها التجارية مع الغرب، لا تكترث كوريا الشمالية بالعزلة.
ضغط العقوبات: الغرب قد يرد بمزيد من العقوبات التي تعيق التعاون الثلاثي.
التوازنات الإقليمية: وجود تحالفات قوية مضادة مثل الولايات المتحدة – اليابان – كوريا الجنوبية قد يحد من فعالية هذا المحور.


---
خاتمة
الحلف الروسي–الكوري–الصيني ليس مجرد تقارب عابر، بل هو نتاج مسار تاريخي طويل تغذيه التغيرات في موازين القوى العالمية. إنه حلف قائم على المصالح المشتركة:
روسيا تبحث عن مخرج من العزلة.
الصين تسعى لقيادة نظام عالمي جديد.
كوريا الشمالية تتطلع إلى كسر طوق ا
لعقوبات.

ومع ذلك، يبقى الحلف هشًا أمام التناقضات الداخلية والضغوط الدولية، لكنه بلا شك يمثل أحد أبرز معالم التحول الجيوسياسي في عالم اليوم.
Comments
No comments

    NameEmailMessage