JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
Home

أول من أدخل العقيدة الأشعرية إلى المغرب

خط المقالة

 أول من أدخل العقيدة الأشعرية إلى المغرب




ارتبط تاريخ المغرب الإسلامي عبر قرون طويلة بالعلوم الشرعية والمدارس الكلامية التي ساهمت في صياغة الهوية الدينية والفكرية للمنطقة. ومن أبرز هذه المدارس العقيدة الأشعرية، التي أصبحت لاحقاً جزءاً أساسياً من المذهب المالكي بالمغرب، حتى صارت اليوم ركيزة من ركائز الثوابت الدينية للمملكة إلى جانب المذهب المالكي والتصوف السني.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: من كان أول من أدخل العقيدة الأشعرية إلى المغرب، وكيف انتشرت بين علمائه وساسته؟

---
1. ظهور المذهب الأشعري في المشرق
أسس الإمام أبو الحسن الأشعري (ت 324هـ) منهجه العقدي في القرن الرابع الهجري بالبصرة، بعد أن انتقل من الاعتزال إلى الدفاع عن عقيدة أهل السنة والجماعة بأسلوب يجمع بين النص والعقل. وقد ساعد تلامذته وأتباعه على نشر طريقته في المشرق الإسلامي، خاصة في بغداد وخراسان والشام.
ومع ازدهار حركة الرحلة في طلب العلم، حمل العلماء المغاربة الذين قصدوا المشرق هذه العقيدة معهم إلى بلادهم.

---
2. أول من أدخل العقيدة الأشعرية إلى المغرب
تجمع أغلب المصادر التاريخية على أن أول من أدخل العقيدة الأشعرية إلى المغرب الأقصى هو الإمام القاضي أبو بكر ابن العربي المعافري الإشبيلي (468هـ – 543هـ). فقد رحل هذا العالم الكبير إلى المشرق، ولازم أئمة الأشاعرة هناك مثل إمام الحرمين الجويني والغزالي، ثم عاد إلى الأندلس والمغرب حاملاً تراثهم ومبشراً بمناهجهم.
غير أن بعض المؤرخين يشيرون أيضاً إلى دور علماء سابقين، مثل:
أبي ذر الهروي (ت 434هـ) الذي زار المغرب ونشر فكر الأشاعرة في مجالس الحديث.
أبي بكر الباقلاني (ت 403هـ) الذي تتلمذ عليه بعض المغاربة مباشرة أو بواسطة.

لكن الدور الحاسم في ترسيخ العقيدة الأشعرية في المغرب ارتبط بلا شك بابن العربي، الذي كان حلقة وصل مباشرة بين مدرسة المشرق الأشعرية وبلاد الغرب الإسلامي.

---
3. ازدهار الأشعرية في ظل المرابطين والموحدين
في عهد المرابطين (القرن 5 – 6 هـ) كانت الغلبة للفقه المالكي، بينما لم يكن علم الكلام مرحباً به كثيراً. ومع ذلك، فإن جهود بعض العلماء مثل ابن العربي وأبي الوليد الباجي ساعدت على تسلل الفكر الأشعري تدريجياً.
أما في عهد الموحدين (القرن 6 هـ)، فقد ازداد نفوذ الأشاعرة بعد أن تبنّى الخليفة يعقوب المنصور الموحدي الدفاع عنهم، فصار المذهب الأشعري مذهب الدولة الرسمي في العقيدة.


---
4. تلازم المالكية والأشعرية في المغرب
مع مرور الزمن، أصبح المذهب المالكي في الفقه مرتبطاً بالمذهب الأشعري في العقيدة، حتى صار العلماء المغاربة يرون أن الأشعرية هي الامتداد الطبيعي لمذهب الإمام مالك. ويكفي أن نذكر أعلاماً كباراً مثل:
ابن تومرت (ت 524هـ)، الذي كان متأثراً بمدرسة الأشاعرة.
السنوسي (ت 895هـ)، صاحب "العقيدة الصغرى" و"العقيدة الكبرى"، التي صارت متناً أساسياً يدرّس في المغرب والأندلس.


---
5. أثر دخول الأشعرية في الهوية المغربية
أدى دخول العقيدة الأشعرية إلى المغرب إلى:
توفير مرجعية عقدية وسطية تجمع بين النصوص الشرعية والبرهان العقلي.
حماية المجتمع من التطرف الفكري والانحراف العقدي.
توحيد المرجعية الدينية بين المغاربة، إلى جانب الفقه المالكي والتصوف السني.


---
خاتمة
يمكن القول إن القاضي أبا بكر ابن العربي الإشبيلي هو أبرز من أدخل العقيدة الأشعرية إلى المغرب ونشرها بين علمائه وطلابه، حتى غدت مع مرور القرون جزءاً أصيلاً من الهوية الدينية المغربية. وقد ساعدت الظروف السياسية والفكرية لاحقاً على رسوخ هذا المذهب، فصار أحد الثوابت الثلاثة للمملكة المغربية: المالكية في الفقه، والأشعرية في العقيدة، والتصوف السني في السلوك.

Comments
No comments

    NameEmailMessage