JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
Accueil

مهنة التمثيل بين الإباحة والتحريم

خط المقالة
 مهنة التمثيل بين الإباحة والتحريم


مقدمة
مهنة التمثيل واحدة من أهم الفنون التعبيرية في العصر الحديث، إذ تُعَدّ وسيلة لنقل المشاعر والأفكار والقصص الإنسانية، وتؤثر في المجتمعات ثقافيًا واجتماعيًا. ومع ذلك، أثار هذا الفن جدلاً شرعيًا بين العلماء، فمنهم من أباحه بشروط، ومنهم من حرّمه مطلقًا أو في أحوال معينة، بناءً على النصوص الشرعية ومراعاة الأثر الاجتماعي والأخلاقي. في هذا المقال سنستعرض حكم مهنة التمثيل بين الإباحة والتحريم مع استحضار الأدلة.

---
أولًا: موانع التحريم
المحرّمات التي تجعل التمثيل محرمًا ترتكز على عدة نقاط:
1. التقليد المحرم للخلق:
قال النبي ﷺ: «من أضلّ الناس من حاول أن يُحاكي خلق الله» (رواه البخاري ومسلم في سياق تحريم التشبه بالكائنات)، ويستند بعض الفقهاء إلى هذا الحديث في تحريم تمثيل الكائنات الحية بشكل حيّ ومبالغ فيه، خصوصًا إذا كان فيه تشبه بالنبي أو الملائكة أو أشياء محرمة.

2. الاختلاط بين الجنسين أو الفتنة:
التمثيل في بعض الأعمال يتضمن مشاهد اختلاط أو ما يثير الفتنة، وهو ما حذّر منه الشرع، فقال الله تعالى:
«وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى» (الأحزاب: 33).
واستدلّ الفقهاء بتحريم عرض الجسد أو الأفعال المثيرة للفتنة أمام الجمهور، خصوصًا إذا كان مزيجًا من الرجال والنساء.

3. إضاعة الوقت والمال على المحرمات:
إذا كان التمثيل يهدف إلى ما يخالف الدين أو يروّج للمحرمات، فإنّه يصبح مضيعة للوقت والمال بما لا يفيد المسلم، قال ﷺ: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه…» (رواه الترمذي).



---
ثانيًا: أسباب الإباحة
هناك أقوال تجيز التمثيل في حدود معينة، ويستندون إلى أدلة منها:
1. المصلحة والغاية النبيلة:
إذا كان التمثيل هادفًا للتعليم أو الدعوة أو التعبير عن القيم الإنسانية، فإنه يكون جائزًا. قال الله تعالى:
«ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ» (النحل: 125).
فمثال ذلك مسرحيات تعليمية للأطفال أو أعمال فنية توعوية.

2. عدم وجود محرّمات:
إذا خلت الأعمال التمثيلية من اختلاط محرم أو عُرِي أو تشبه بالنبي أو الملائكة أو الترويج للمعاصي، فإنها تصبح مباحة، واستند الفقهاء إلى قاعدة: «الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص بالتحريم».

3. الترفيه المباح:
التمثيل قد يكون وسيلة للترفيه المشروع، وقد بيّن النبي ﷺ: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» (ويمكن اعتباره تشجيعًا على الابتعاد عن المحرمات، واستعمال الوقت فيما يفيد). فمن هنا يجوز أن يكون التمثيل خاليًا من المحرمات وسيلة ترفيهية مفيدة.



---
ثالثًا: ضوابط شرعية للتمثيل
لضمان أن يكون التمثيل مباحًا، وضع العلماء عدة ضوابط:
1. ابتعاد عن الفتنة:
سواء كان ذلك بالملابس أو الحركات أو المشاهد، ويجب التزام الحياء.

2. عدم محاكاة خلق الله في صور محرمة:
كالتمثيل الذي يقترب من العبادة أو التشبه بالنبي ﷺ.

3. عدم ترويج المعاصي أو الأخلاق السيئة:
مثل الكذب، السرقة، أو الغش، أو أي صورة تخالف القيم الإسلامية.

4. الغرض النبيل أو الترفيه المشروع:
التأكد من أن العمل الفني له منفعة علمية، تربوية، أو ترفيهية خالية من الضرر.


---
الخلاصة
مهنة التمثيل ليست حرامًا مطلقًا، لكنها ليست مباحة دون شروط. الحكم فيها يتوقف على محتوى العمل، والغرض منه، وطرق عرضه. فمن اتّبع الضوابط الشرعية، وابتعد عن المحرمات، فإن عمله مباح بإذن الله، وإلا فإنه يقع تحت التحريم لما فيه من مخالفة للنصوص الشرعية والأخلاق العامة.
Commentaires
Aucun commentaire

    NomE-mailMessage