JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

اختلاف الوهابية مع باقي المسلمين

خط المقالة
 اختلاف الوهابية مع باقي المسلمين: دراسة أكاديمية


المقدمة
الإسلام دين الوسطية والاعتدال، وجمهور العلماء عبر القرون قد جمع بين العقيدة الصحيحة والشريعة السمحة، مستندين إلى القرآن الكريم والسنة النبوية، واجتهادات الصحابة والتابعين.
ظهرت الدعوة الوهابية في القرن الثامن عشر الميلادي على يد محمد بن عبد الوهاب، مدعية الإصلاح، لكنها اختلفت عن السلف الصالح وجماهير الأمة في العقيدة والفقه، فنتج عن ذلك تضييق دائرة المباح، وتشدد في الأحكام، وتشويه لمقاصد الشريعة.

---
أولاً: الاختلاف في العقيدة
1- تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام
اعتمد الوهابيون تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام:
1. توحيد الربوبية: الإقرار بأن الله خالق كل شيء، ورازق ومدبر.

2. توحيد الألوهية: إفراد الله وحده بالعبادة دون سواه.

3. توحيد الأسماء والصفات: إثبات صفات الله على ظاهرها دون تأويل.


هذا التقسيم لم يرد في كلام الصحابة أو التابعين، ولا في كتب المذاهب الأربعة، بل أُدخل لاحقًا على يد ابن تيمية، كما يشير الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في كتابه تيسير الوصول إلى معرفة مقاصد القرآن.
2- التوسل والشفاعة
جمهور علماء أهل السنة، كالأشاعرة والماتريدية، أجازوا التوسل بالنبي ﷺ بعد وفاته، واستشهدوا بأحاديث صحيحة، منها:
> "من صلى على قبر النبي ﷺ، أو دعاه أو توسّل إليه، كان ذلك مشروعًا" (راجع: ابن حجر الهيتمي، التحفة المكية).


بينما الوهابية اعتبروا التوسل أيًا كان شركًا، مع أن نصوص القرآن والسنة تدل على مشروعيته، كقوله تعالى:
> ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]


3- الصفات الإلهية
الوهابية أثبتوا الصفات على ظاهرها، ما يُعرف بالتجسيم، بينما جمهور الأمة نفى التشبيه وقالوا: "الله بخلاف ما يشبه خلقه"، كما جاء في قول ابن تيمية معارضًا لهم: "الله ليس كمثله شيء".

---
ثانياً: الاختلاف في الفقه
1- تضييق دائرة المباح
جعل الوهابية بعض الأمور المباحة محرمة أو مكروهة، كتحريم بعض الأطعمة التقليدية أو الاحتفالات الدينية، مخالفة لما أقره جمهور الفقهاء الأربعة (الحنفية، المالكية، الشافعية، الحنابلة).
2- الخلط في الأحكام الفقهية
تجاهل الإجماع الذي يعد من مصادر التشريع.
رفض الاجتهادات المعتمدة في المذاهب الأربعة.
توسع في التشدد والتحريم، مع أن الشريعة جاءت رافعه للحرج ومحققة للمصالح.

كما يقول النووي في المجموع شرح المهذب:
> "المباح واسع، وتضييقه من الغلو الذي يورث النفور عن الدين".


3- مخالفة مقاصد الشريعة
الشريعة الإسلامية مبنية على مقاصد عليا: حفظ الدين، النفس، العقل، المال، والنسل. الوهابية، بحسب الباحث عبد الرحمن بن محمد السديس في التيارات المعاصرة في العقيدة الإسلامية، ركزت على الجزئيات وأهملت المقاصد الكبرى، فظهرت صورة متشددة وغير رحيمة للإسلام.

---
ثالثاً: آثار هذا الاختلاف
1. تفريق الأمة: إدعاء الفرقة الناجية وتكفير الآخرين.

2. نشر التطرف: إصدار فتاوى تكفيرية ضد الأشاعرة والصوفية وغالبية المسلمين.

3. تشويه صورة الإسلام: التشدد والغل في الدين يؤدي إلى النفور من تعاليمه السمحة.



---
الخاتمة
تدل الدراسات التاريخية والفكرية على أن اختلاف الوهابية مع جمهور المسلمين لم يكن جزئيًا، بل جوهريًا في العقيدة والفقه. ابتدعوا تقسيمات جديدة للتوحيد، ضيقوا المباح، وحرّموا ما أحلّه الله، وغلّبوا التشدد على الرحمة.
الإسلام وسط، كما يقول الله تعالى:
> ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78]


وحذر النبي ﷺ من الغلو:
> "إيّاكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين" (رواه النسائي).
تعليقات
ليست هناك تعليقات

    الاسمبريد إلكترونيرسالة