JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

إِبَاحَةُ الِاحْتِفَالِ بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ

خط المقالة
 إِبَاحَةُ الِاحْتِفَالِ بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ


الْمُقَدِّمَةُ
الْـحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ الْمَوْلِدَ النَّبَوِيَّ الشَّرِيفَ مِنْ أَعْظَمِ الْمُنَاسَبَاتِ الْإِسْلَامِيَّةِ الَّتِي يُظْهِرُ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ فَرَحَهُمْ بِمَقْدَمِ سَيِّدِ الْخَلْقِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَيُجَدِّدُونَ فِيهَا مَحَبَّتَهُ، وَيَسْتَحْضِرُونَ سِيرَتَهُ الْعَطِرَةَ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ هَذَا الِاحْتِفَالِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِهِ بَلِ اسْتِحْبَابِهِ إِذَا خَلَا مِنَ الْمُنْكَرَاتِ.

---
أَوَّلًا: الْأَدِلَّةُ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
1. قَوْلُهُ تَعَالَى:
﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يُونُس: 58].


فَضْلُ اللَّهِ هُوَ الْقُرْآنُ، وَرَحْمَتُهُ هُوَ النَّبِيُّ ﷺ، وَالْفَرَحُ بِمَوْلِدِهِ دَاخِلٌ فِي الْآيَةِ دُخُولًا أَوَّلِيًّا.

2. قَوْلُهُ تَعَالَى:
﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ [إِبْرَاهِيم: 5].


وَيَوْمُ مَوْلِدِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ أَعْظَمِ أَيَّامِ اللَّهِ.


---
ثَانِيًا: الْأَدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ
1. عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَقَالَ:
«ذَلِكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

2. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ:
«نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).


وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَخْصِيصِ يَوْمٍ بِنِعْمَةٍ إِلَهِيَّةٍ.


---
ثَالِثًا: أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ الْمَوْلِدِ
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ: "مَنْ تَحَرَّى الْمَحَاسِنَ وَاجْتَنَبَ ضِدَّهَا كَانَ الْمَوْلِدُ بِدْعَةً حَسَنَةً."
قَالَ السُّيُوطِيُّ: "الْمَوْلِدُ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ يُثَابُ عَلَيْهَا فَاعِلُهَا."
قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ الْمَالِكِيُّ: "مِنْ تَعْظِيمِ النَّبِيِّ ﷺ إِظْهَارُ الْفَرَحِ بِمَوْلِدِهِ."
قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ: "رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً اتَّخَذَ لَيَالِيَ شَهْرِ مَوْلِدِهِ أَعْيَادًا."


---
رَابِعًا: الْحِكْمَةُ مِنَ الِاحْتِفَالِ بِالْمَوْلِدِ
1. تَجْدِيدُ الْمَحَبَّةِ لِلنَّبِيِّ ﷺ.

2. شُكْرُ اللَّهِ عَلَى نِعْمَةِ بَعْثَتِهِ.

3. تَعْلِيمُ النَّاشِئَةِ سِيرَتَهُ.

4. اجْتِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الذِّكْرِ وَالْمَدَائِحِ.



---
خَامِسًا: الرَّدُّ عَلَى الْمُنْكِرِينَ
زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَشَدِّدِينَ أَنَّ الْمَوْلِدَ بِدْعَةٌ ضَلَالَةٌ، وَقَدْ رَدَّ الْعُلَمَاءُ بِأَنَّ الْبِدْعَةَ تَنْقَسِمُ إِلَى حَسَنَةٍ وَسَيِّئَةٍ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي التَّرَاوِيحِ: "نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ."
فَالْمَوْلِدُ لَيْسَ عِبَادَةً جَدِيدَةً، بَلْ هُوَ وَسِيلَةٌ لِشُكْرِ اللَّهِ وَذِكْرِ النَّبِيِّ ﷺ.

---
سَادِسًا: الِاحْتِفَالُ بِالْمَوْلِدِ عَبْرَ التَّارِيخِ
الْفَاطِمِيُّونَ: أَوَّلُ مَنْ نَظَّمَ الْمَوْلِدَ بِمِصْرَ (362هـ).
الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ فِي أَرْبِيلَ: كَانَ يُقِيمُ احْتِفَالًا عَظِيمًا، ذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ.
الْمَمَالِيكُ: جَعَلُوا الْمَوْلِدَ مَوْسِمًا كَبِيرًا فِي الْقَاهِرَةِ وَالشَّامِ.
الْعُثْمَانِيُّونَ: أَطْلَقُوا عَلَيْهِ "الْمَوْلُودَ الشَّرِيفَ" وَجَعَلُوهُ عُطْلَةً رَسْمِيَّةً.
الْمَغَارِبَةُ وَالْأَنْدَلُسُ: احْتَفَلُوا بِهِ مُنْذُ الْعُصُورِ الْمَرَابِطِيَّةِ وَالْمَرِينِيَّةِ.


---
سَابِعًا: شَهَادَاتُ الْعُلَمَاءِ وَالْمُؤَرِّخِينَ
ابْنُ كَثِيرٍ: "كَانَ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ يَعْمَلُ الْمَوْلِدَ وَيَصْرِفُ فِيهِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ."
الْمَقْرِيزِيُّ: "مِنْ أَعْظَمِ مَوَاسِمِ الْفَاطِمِيِّينَ مَوْسِمُ الْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ."
السُّيُوطِيُّ: "فِيهِ اجْتِمَاعٌ عَلَى الذِّكْرِ وَالصَّدَقَةِ وَمَدْحِ الرَّسُولِ ﷺ."


---
الْخَاتِمَةُ
يَتَبَيَّنُ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ الِاحْتِفَالَ بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ مَشْرُوعٌ جَائِزٌ، بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ إِذَا خَلَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، لِأَنَّهُ تَعْبِيرٌ عَنِ الْفَرَحِ بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَمَحَبَّةِ رَسُولِهِ ﷺ. وَقَدْ أَقَرَّهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، وَاحْتَفَلَتْ بِهِ الْأُمَّةُ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ.
فَالْمَوْلِدُ لَيْسَ بِدْعَةً ضَلَالَةً، بَلْ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ [الشَّرْح: 4].

وَالْـحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
تعليقات
ليست هناك تعليقات

    الاسمبريد إلكترونيرسالة