JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

قِصَّةُ حَيَاةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

خط المقالة
 قِصَّةُ حَيَاةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ


---
الفَصْلُ الأَوَّلُ: حَيَاتُهُ قَبْلَ الإِسْلَامِ
وُلِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ عُثْمَانُ بْنُ عَامِرٍ التَّيْمِيُّ الْقُرَشِيُّ فِي بَطْنِ مَكَّةَ، بَعْدَ عَامِ الْفِيلِ بِسِنِينَ قَلِيلَةٍ. كَانَ فَتًى رَزِيناً، حَسَنَ الْخُلُقِ، مَحْبُوباً بَيْنَ قُرَيْشٍ. لَمْ يُعْرَفْ عَنْهُ كَذِبٌ قَطُّ، وَلَمْ يَسْجُدْ لِصَنَمٍ فِي حَيَاتِهِ.
كَانَ يُعَاشِرُ مُحَمَّداً ﷺ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، فَيَرَى فِيهِ نُوراً وَصِدْقاً. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ تَاجِراً ذَا مَالٍ وَحَسَبٍ، يَسِيرُ بِقَوَافِلِ التِّجَارَةِ، فَيَرْجِعُ بِالرِّبْحِ، وَيُرَافِقُهُ حُسْنُ السَّمْتِ وَالأَمَانَةُ.

---
الفَصْلُ الثَّانِي: إِسْلَامُهُ وَثَبَاتُهُ فِي مَكَّةَ
لَمَّا جَاءَ الْحَقُّ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ الْوَحْيَ عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ، دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْتَ، فَسَمِعَ الْخَبَرَ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ:
"أَصَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ؟"
فَقَالَ ﷺ: "نَعَمْ، إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ."
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: "صَدَقْتَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ."
فَكَانَ أَوَّلَ الرِّجَالِ إِسْلَاماً. وَمَا تَلَفَّظَ بِتَلَفُّتٍ وَلَا سَأَلَ سُؤَالاً، بَلْ أَجَابَ مُسْرِعاً، مُسَلِّمَاً أَمْرَهُ لِلَّهِ.
بِإِيمَانِهِ أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ خَيْرُ الأَصْحَابِ: عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ.
وَكَانَ يُنْفِقُ مَالَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
«مَا نَفَعَنِي مَالُ أَحَدٍ قَطُّ مِثْلَ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ».
وَيَوْمَ هَاجَرَ النَّبِيُّ ﷺ، لَمْ يَخْتَرْ أَحَداً سِوَاهُ صَاحِباً. وَفِي الْغَارِ، خَافَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى نَبِيِّهِ، فَقَالَ:
"لَوْ نَظَرَ أَحَدُهُمْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَرَآنَا."
فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
"يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا؟"
فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾.

---
الفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي الْمَدِينَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
فِي الْمَدِينَةِ كَانَ أَبُو بَكْرٍ جَانِبَ النَّبِيِّ ﷺ، يَحْمِلُ هُمُومَ الدَّعْوَةِ وَيُشَارِكُ فِي كُلِّ غَزْوَةٍ.
فِي بَدْرٍ كَانَ رَفِيقَ النَّبِيِّ فِي الْعَرِيشِ يَحْرُسُهُ، وَفِي تَبُوكَ جَاءَ بِكُلِّ مَالِهِ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ:
"مَاذَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟"
فَقَالَ: "أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ."
وَلَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ ﷺ، أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلَ فَضْلِهِ. وَقَالَ ﷺ:
«لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ».

مَنَاقِبُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ

١- أَفْضَلُ الصَّحَابَةِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ

قَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
«لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ» (رَوَاهُ البُخَارِي).

---
٢- أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الرِّجَالِ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: "كَانَ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ ﷺ مِنَ الرِّجَالِ أَبُو بَكْرٍ."
وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "سَبَقَ النَّاسَ بِكُلِّ خَيْرٍ أَبُو بَكْرٍ."

---
٣- صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي الْغَارِ

شَرَّفَهُ اللهُ بِالذِّكْرِ فِي القُرْآنِ:
﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التَّوْبَة: 40].
فَجَعَلَهُ اللهُ صَاحِبَ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْهِجْرَةِ، وَفِي اللَّحْظَةِ الأَخْطَرِ فِي التَّارِيخِ.

---
٤- ثَبَاتُهُ عِنْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ ﷺ

لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، اضْطَرَبَ النَّاسُ، وَقَالَ عُمَرُ: "وَاللهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللهِ."
فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ وَقَرَأَ:
﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ [آل عمران: 144].
فَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَسْمَعُوهَا قَبْلَ ذَلِكَ. فَكَانَ ثَبَاتُهُ مِفْتَاحَ طُمَأْنِينَةِ الأُمَّةِ.

---
٥- سَبَقُهُ فِي الإِنْفَاقِ

قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
«مَا نَفَعَنِي مَالُ أَحَدٍ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ» (رَوَاهُ أَحْمَد).
وَفِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، جَاءَ بِكُلِّ مَالِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟» قَالَ: «أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللهَ وَرَسُولَهُ.»

---
٦- أَوَّلُ خَلِيفَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ

أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةٍ عَلَى مَبَايَعَتِهِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ حَمَلَ عِبْءَ الْخِلَافَةِ، فَحَارَبَ الْمُرْتَدِّينَ وَمَنَعَةَ الزَّكَاةِ، وَأَرْسَلَ الْجُيُوشَ لِفُتُوحَاتِ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ.

---
٧- أَفْضَلُ مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ بَدَلَ النَّبِيِّ ﷺ

فِي آخِرِ أَيَّامِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، أَمَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ. فَكَانَ هَذَا تَتْوِيجًا لِقُرْبِهِ وَفَضْلِهِ.

---
٨- شَهَادَةُ الصَّحَابَةِ لَهُ

قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
"لَيْلَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَيَوْمٌ مِنْهُ خَيْرٌ مِنْ آلِ عُمَرَ."

وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
"خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ."
---
٩- زُهْدُهُ وَوَرَعُهُ

مَعَ أَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمُسْلِمِينَ، كَانَ يَخْرُجُ يَحْلِبُ لِلأَرَامِلِ وَيَطْحَنُ لَهُنَّ. وَقَدْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ:
"وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ شَجَرَةً تُقْطَعُ وَلَا أُحَاسَبُ."
---
١٠- بُشْرَاهُ بِالْجَنَّةِ

مِنْ أَهْلِ العَشَرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
«أَنْتَ عَتِيقُ اللهِ مِنَ النَّارِ» (رَوَاهُ التِّرْمِذِي). فَلُقِّبَ بـ عَتِيقِ اللهِ.


---

✨ الخُلاَصَةُ

أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جَمَعَ بَيْنَ السَّبْقِ فِي الإِيمَانِ، وَالثَّبَاتِ فِي الْفِتْنَةِ، وَالسَّخَاءِ فِي الْعَطَاءِ، وَالزُّهْدِ فِي الْحَيَاةِ، وَالْقُرْبِ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ.

---
الفَصْلُ الرَّابِعُ: خِلَافَتُهُ وَوَفَاتُهُ
لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ، جَزِعَ النَّاسُ وَاضْطَرَبَتِ الْمَدِينَةُ. فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ:
"أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّداً فَإِنَّ مُحَمَّداً قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ."
ثُمَّ تَلَا: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾.
فَبَايَعَهُ النَّاسُ خَلِيفَةً، فَحَارَبَ الْمُرْتَدِّينَ وَالْمَانِعِينَ لِلزَّكَاةِ، وَقَالَ كَلِمَتَهُ الْمَشْهُورَةَ:
"وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ."
وَأَرْسَلَ جُيُوشَ الْفُتُوحَاتِ، وَفِي مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ ثَبَتَ أَرْكَانُ الدَّوْلَةِ الإِسْلَامِيَّةِ.

---
حِكَايَةُ مَمَاتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَصَابَ أَبَا بَكْرٍ حُمَّى شَدِيدَةٌ بَعْدَ اغْتِسَالِهِ فِي يَوْمٍ بَارِدٍ، فَلَزِمَ فِرَاشَهُ أَيَّاماً. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ شَرِبَ لَبَناً مَسْمُوماً، وَلَكِنَّ ذَلِكَ ضَعِيفٌ لَا يَثْبُتُ، وَالأَصَحُّ أَنَّهُ مَاتَ مَوْتَةً طَبِيعِيَّةً بِالْحُمَّى.
وَكَانَ آخِرُ كَلَامِهِ:
"اللَّهُمَّ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا، وَأَلْحِقْنِي بِالنَّبِيِّينَ وَالصَّالِحِينَ."
فَغُسِّلَ وَكُفِّنَ بِكَفَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَدُفِنَ جَانِبَهُ فِي الْغُرْفَةِ الشَّرِيفَةِ.
رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، الصِّدِّيقَ الْأَوَّلَ، وَأَفْضَلَ مَنْ مَشَى بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ عَلَى الأَرْضِ.


تعليقات
ليست هناك تعليقات

    الاسمبريد إلكترونيرسالة