JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

قصة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها

خط المقالة
 خَديجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ القُرَشِيَّةُ.


كَانَتْ مِنْ أَشْرَفِ نِسَاءِ قُرَيْشٍ نَسَبًا، وَأَكْثَرِهِنَّ مَالًا، وَأَحْسَنِهِنَّ خُلُقًا، وَكَانَتْ تُلَقَّبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِـ"الطَّاهِرَةِ".
.
كَانَتْ خَديجَةُ امْرَأَةً تَاجِرَةً ذَاتَ عَقْلٍ وَحِكْمَةٍ، تُرْسِلُ رِجَالًا يَتَّجِرُونَ لَهَا فِي مَالِهَا، وَتُعْطِيهِمْ نِصْفَ الْمَرْبَحِ.
وَسَمِعَتْ عَنْ أَمَانَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِدْقِهِ، فَأَرْسَلَتْهُ فِي تِجَارَةٍ إِلَى الشَّامِ، وَبَعَثَتْ مَعَهُ غُلَامَهَا مَيْسَرَةَ.
.
رَجَعَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رِحْلَتِهِ، وَقَدْ بَارَكَ اللهُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، فَكَانَ الرِّبْحُ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ تَتَوَقَّعُ.
وَحَدَّثَهَا مَيْسَرَةُ عَنْ أَمَانَتِهِ وَعَدْلِهِ، وَمَا رَآهُ فِي السَّفَرِ مِنْ عَجَائِبَ وَكَرَامَاتٍ.
.
أُعْجِبَتْ خَديجَةُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَأَتْ فِيهِ رَجُلًا يَجْمَعُ بَيْنَ الْخُلُقِ الْعَظِيمِ وَالأَمَانَةِ وَالذَّكَاءِ.
فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ مَنْ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الزَّوَاجَ، فَقَبِلَ وَخَطَبَهَا عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ، وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَهِيَ فِي أَرْبَعِينَ مِنْ عُمْرِهَا.
.
عَاشَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ خَديجَةَ حَيَاةً طَيِّبَةً، فَلَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَتْ.
وَكَانَتْ أَوَّلَ زَوْجَةٍ وَحِيدَةً لَهُ فِي تِلْكَ الْفَتْرَةِ، فَأَكْرَمَهَا وَوَقَفَتْ مَعَهُ فِي كُلِّ مَحَنِهِ.
.
لَمَّا نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، وَجَاءَ إِلَيْهَا يَرْتَعِدُ وَيَقُولُ: "زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي"، طَمْأَنَتْهُ وَقَالَتْ: "كَلَّا، وَاللهِ مَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ".
.
كَانَتْ خَديجَةُ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَدَّقَتْهُ فِي رِسَالَتِهِ، وَوَاسَتْهُ بِمَالِهَا، وَوَقَفَتْ مَعَهُ فِي دَعْوَتِهِ حَتَّى صَارَتْ سَنَدًا عَظِيمًا لَهُ.
.
وَلَدَتْ لَهُ جَمِيعَ أَوْلَادِهِ إِلَّا إِبْرَاهِيمَ، وَمِنْهُمْ: الْقَاسِمُ، وَزَيْنَبُ، وَرُقَيَّةُ، وَأُمُّ كُلْثُومٍ، وَفَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ.
.
ظَلَّتْ خَديجَةُ تُؤَازِرُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تُوُفِّيَتْ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ مِنَ الْبِعْثَةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهَا حُزْنًا عَظِيمًا عَلَى قَلْبِ النَّبِيِّ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْعَامُ "عَامَ الْحُزْنِ".
.
وَقَدْ بَشَّرَهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ، جَزَاءً لِمَا قَدَّمَتْ مِنْ إِيمَانٍ وَصَبْرٍ وَوَفَاءٍ.
كَانَتْ خَديجَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا نِعْمَ الزَّوْجَةِ الْوَفِيَّةَ، تَرَى فِي زَوْجِهَا نُورًا وَخَيْرًا، فَكَانَتْ تُكْرِمُهُ وَتَحْفَظُهُ وَتُؤَازِرُهُ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ.
.
عِنْدَمَا بَدَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْتَلِي فِي غَارِ حِرَاءٍ يَتَعَبَّدُ وَيَتَفَكَّرُ فِي خَلْقِ اللهِ، كَانَتْ خَديجَةُ تُعِدُّ لَهُ الزَّادَ وَتَصْبِرُ عَلَى غِيَابِهِ، مُؤْمِنَةً أَنَّهُ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ.
.
فِي لَيْلَةِ نُزُولِ الْوَحْيِ، لَمَّا عَادَ إِلَيْهَا يَرْتَعِدُ، أَحَاطَتْهُ بِالطُّمَأْنِينَةِ وَالثِّقَةِ، ثُمَّ أَخَذَتْهُ إِلَى ابْنِ عَمِّهَا وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ.
وَكَانَ وَرَقَةُ نَصْرَانِيًّا قَدْ قَرَأَ الْكُتُبَ، فَشَهِدَ أَنَّ مَا جَاءَهُ هُوَ الْوَحْيُ الَّذِي نَزَلَ عَلَى مُوسَى، وَبَشَّرَهُ بِالنُّبُوَّةِ.
.
وَهَكَذَا كَانَتْ خَديجَةُ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَدَّقَتْهُ حِينَ كَذَّبَهُ النَّاسُ، وَوَاسَتْهُ بِمَالِهَا حِينَ مَنَعَ عَنْهُ الْقَوْمُ أَمْوَالَهُمْ، وَآزَرَتْهُ بِنَفْسِهَا وَوَقَفَتْ جَانِبَهُ.
.
حِينَ فُرِضَ الْحِصَارُ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ فِي شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ، لَبِثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَهْلِهِ ثَلَاثَ سِنِينَ فِي جُوعٍ وَمَشَقَّةٍ، وَكَانَتْ خَديجَةُ مَعَهُ، تُقَاسِمُهُ التَّعَبَ وَالْمَشَقَّةَ وَتَشْتَرِي لَهُ مَا تَسْتَطِيعُ مِنْ الطَّعَامِ وَاللِّبَاسِ، حَتَّى أَنْفَقَتْ كَثِيرًا مِنْ مَالِهَا.
.
وَظَلَّتْ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى ضَعُفَ جِسْمُهَا، فَتُوُفِّيَتْ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ مِنَ الْبِعْثَةِ، بَعْدَ أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ مِنْ وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ، فَاجْتَمَعَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُزْنُ، وَسُمِّيَ ذَلِكَ الْعَامُ "عَامَ الْحُزْنِ".
.
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُهَا بَعْدَ وَفَاتِهَا ذِكْرًا عَطِرًا، فَكَانَ إِذَا ذُبِحَتْ شَاةٌ يَقُولُ: "أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَديجَةَ"، وَيَقُولُ: "إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا".
.
وَفِي يَوْمٍ جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "هَذِهِ خَديجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ، فَإِذَا جَاءَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا، وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ".
فَكَانَتْ هَذِهِ الْبِشَارَةُ تَاجًا لِحَيَاتِهَا الْمُضَحِّيَةِ الْمُؤْمِنَةِ.
مَنَاقِبُهَا وَفَضَائِلُهَا
كَانَتْ خَديجَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا مَوْضِعَ إِجْمَاعٍ بَيْنَ أَهْلِ السِّيرَةِ وَالْحَدِيثِ عَلَى سُمُوِّ قَدْرِهَا وَرِفْعَةِ مَكَانَتِهَا.
.
أَوَّلُ مَنَاقِبِهَا أَنَّهَا كَانَتْ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ، فَسَبَقَتِ الْجَمِيعَ إِلَى الْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ.
قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: "خَديجَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللهِ إِيمَانًا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
.
ثَانِي مَنَاقِبِهَا أَنَّهَا وَاسَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَالِهَا وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى دَعْوَتِهِ، فَكَانَ مَالُهَا سَنَدًا عَظِيمًا فِي نَشْرِ الْإِسْلَامِ فِي بَدَايَتِهِ.
وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«آمَنَتْ بِي حِينَ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي حِينَ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا حِينَ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللهُ وَلَدَهَا دُونَ غَيْرِهَا مِنَ النِّسَاءِ».
.
ثَالِثُ مَنَاقِبِهَا أَنَّهَا كَانَتْ مَثَلًا فِي الْوَفَاءِ وَالثَّبَاتِ، فَلَمْ تُفَارِقِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْعَبِ الظُّرُوفِ، وَلَا فَتُرَ إِيمَانُهَا وَلَا ضَعُفَ عَزْمُهَا.
.
رَابِعُ فَضَائِلِهَا أَنَّهَا حَظِيَتْ بِسَلَامِ اللهِ وَجِبْرِيلَ عَلَيْه السَّلَامُ.
فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
«يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ خَديجَةُ قَدْ أَتَتْ، فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ».
.
خَامِسُ فَضَائِلِهَا أَنَّهَا كَانَتْ أُمَّ الْأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمِنْهَا وُلِدَتْ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، الَّتِي جَاءَ مِنْ نَسْلِهَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ.
.
سَادِسُ مَنَاقِبِهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْسَ وَفَاءَهَا بَعْدَ وَفَاتِهَا، فَكَانَ يُكْرِمُ صَوَاحِبَهَا وَيُحْسِنُ إِلَى صَدِيقَاتِهَا، وَيَقُولُ: «إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا».
.
سَابِعُ فَضَائِلِهَا أَنَّهَا إِحْدَى أَرْبَعِ نِسَاءٍ كَامِلَاتٍ بَشَّرَ بِهِنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:
«كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا أَرْبَعٌ: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَخَديجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ».
📖 هَذِهِ بَعْضُ مَنَاقِبِهَا الْعَظِيمَةِ، الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ نِسْوَةً جَلِيلَةً لَهَا دَوْرٌ كَبِيرٌ فِي بِنَاءِ الْإِسْلَامِ وَدَعْمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


تعليقات
ليست هناك تعليقات

    الاسمبريد إلكترونيرسالة